أسماء الله وصفاته
ذكر صفة الرفع
كذلك أيضا من الأدلة صفة الرفع لا يكون الرفع إلا من الأدنى إلى الأعلى لا يكون إلا إلى فوق، وقد أثبته الله تعالى أنه يرفع إليه، وأثبته النبي صلى الله عليه وسلم. ففي القرآن قول الله تعالى لعيسى اسم> رسم> إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ قرآن> رسم> كان عيسى اسم> في الأرض. يقول الله: رسم> وَرَافِعُكَ إِلَيَّ قرآن> رسم> فرفعه الله إلى السماء، وذلك الرفع لا يحتمل التأويل، رسم> وَرَافِعُكَ إِلَيَّ قرآن> رسم> ومثلها قوله تعالى: رسم> وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> في سورة النساء. المعطلة يقولون: رفعه إلى مكان الشرف، أو رفعه إلى حيث لا يتصرف إلا هو، فيؤولونها ويصرفونها عن مدلولها مع صراحة الآية، رسم> بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> وكذلك في القرآن قول الله تعالى: رسم> إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ قرآن> رسم> يرفعه يعني: إليه. وقد تأولها بعض المتأولين بمعنى يقبله، يرفعه يعني: يقبله، ولا شك أن هذا تغيير لمعنى الآية، وأنه إبطال لدلالتها؛ فلا يستعمل يرفعه بمعنى يقبله إلا استعمالا بعيدا.
ومن الأدلة من السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> إن الله يبسط يده متن_ح> رسم> أو قوله: رسم> يمين الله ملأى متن_ح> رسم> ثم قال: رسم> يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل متن_ح> رسم> يرفع إليه؛ فالرفع إليه دليل على مكان على العلو، ودليل على إثبات أنه أعلى من خلقه وأن الأعمال ترفع إليه. وكذلك الآية التي ذكرنا: رسم> إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قرآن> رسم> الصعود والمصعد هو الذي يرقى فيه كما هو معروف. المصاعد التي يصعد فيها إلى أعلى، أخبر بأنه يصعد إليه رسم> إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ قرآن> رسم> يعني: يرقى ويرتفع الكلم الطيب، والأدلة من السنة أيضا كثيرة في إثبات الصعود إليه.
وكذلك من الأدلة أيضا العروج في قوله تعالى: رسم> تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> العروج أيضا لا يكون إلا إلى أعلى. وكذلك قوله تعالى: رسم> يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> دليل على أنها تعرج يعني: ترتفع إليه الملائكة رسم> تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ قرآن> رسم> فلا يمكن تأويل مثل هذه الأدلة مع صراحتها. كذلك أيضا من الأدلة آيات النزول، فإن الله تعالى أثبت أنها تنزل منه فقوله تعالى: رسم> تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ قرآن> رسم> النزول لا يكون إلا من أعلى رسم> تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ قرآن> رسم> رسم> مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ قرآن> رسم> تنزيل منزل من ربك رسم> وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ قرآن> رسم> رسم> حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قرآن> رسم> رسم> تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ قرآن> رسم> فالتنزيل والنزول لا يكون إلا من الأعلى إلى ما تحته.
فالأرض -بلا شك- أنها تحت السماء كما هو مشاهد وإذا عرفنا أن الملائكة تنزل من الله، وأن الوحي ينزل من الله فإن ذلك دليل على أن الله تعالى فوق عباده، وأن هذه تنزل منه. والآيات التي في الإنزال كثيرة معلومة.
ومن الأدلة أيضا قصة فرعون اسم> فإن الله أرسل إليه موسى اسم> فأنكر الله؛ لما قال: أنا رسول رب العالمين، قال فرعون اسم> وما رب العالمين ؟ فأخذ يقرر عليه موسى اسم> رسم> رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا قرآن> رسم> رسم> رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ قرآن> رسم> رسم> رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا قرآن> رسم> فهو منكر ولا بد أنه سأل موسى اسم> أين رب العالمين الذي تدعي؟ ، فموسى اسم> أخبره بأنه في السماء، وأنه فوق عباده؛ فلأجل ذلك بنى الصرح رسم> وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا قرآن> رسم> وفي آية أخرى دعاه فقال: رسم> فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ قرآن> رسم> يعني: طينا محكما رسم> ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ قرآن> رسم> يعني: الوسائل التي أصعد بها إلى السماء، الوسائل يعني المصاعد رسم> لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا قرآن> رسم> ولو كان موسى اسم> قال له: إن الله ليس في السماء، أو قال له: إن الله في كل مكان لما تكلف، لقال له موسى اسم> اطلب الله في الأرض وفي الجبال وفي الأماكن كلها؛ فدل على أنه تلقى من موسى اسم> أن ربنا سبحانه فوق السماوات العلى؛ فلذلك حاول أن يصعد إلى السماوات ليطلع ويعرف هل موسى اسم> محق أم لا؟ ولذلك قال: رسم> وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ قرآن> رسم> فهذا من جملة الأدلة على أن الأنبياء بلغوا أممهم، أن الله تعالى فوق عباده وأنه فوق السماوات.
ومن الأدلة أيضا ما ذكر الله أنه في السماء آيتان في سورة الملك رسم> أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ قرآن> رسم> رسم> أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا قرآن> رسم> وكلمة السماء صريحة في العلو، أهل السنة يقولون: من في السماء يعني: من في العلو، فإن كل ما ارتفع يسمى سماء، من في السماء يعني: من في العلو، ويقول بعضهم: إن في بمعنى على، من في السماء يعني: من على السماء، وتأتي هذه الكلمة بدل على كقوله تعالى: رسم> فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ قرآن> رسم> أي على الأرض، وكقول فرعون اسم> رسم> وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ قرآن> رسم> أي: على جذوع النخل. وليس معناه أنه ينحت لهم فيها، ويدل على أن في بمعنى على، من في السماء أي: من على السماء.
ومن الأدلة ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء. الأحاديث كثيرة ذكر كثيرا منها ابن كثير اسم> في أول سورة الإسراء، واستقر معتقد أهل السنة أنه صلى الله عليه وسلم عرج بروحه وجسده إلى السماء، وأنه كلم ربه، وأنه فرض عليه الصلوات الخمس. ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: رسم> ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى قرآن> رسم> رسم> عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى قرآن> رسم> رسم> ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى قرآن> رسم> فأخبر بأنه علمه وهو بالأفق الأعلى، أي: فوق السماوات العلا، وأنه قربه رسم> فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى قرآن> رسم> رسم> فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى قرآن> رسم> في تفسير هذه الآيات ما يدل على أنه يراد أن الله تعالى قربه، وأنه علمه، وأنه كان قاب قوسين وأنه رفعه، رسم> ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى قرآن> رسم> هذا أيضا من الأدلة الواضحة على إثبات صفة العلو لله تعالى، وأنه يقرب إليه من شاء من عباده.كذلك من السنة الأدلة التي أثبتها أئمة السنة بلفظ الفوقية، وبلفظ السماء ونحو ذلك؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: رسم> ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء. يأتيني خبر السماء صباحا ومساء متن_ح> رسم> من في السماء يعني من على السماء، وكذلك: رسم> ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء متن_ح> رسم> فدلالتها واضحة في أن الله تعالى في السماء أي على السماء.
وفي حديث الأوعال قوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر ارتفاع السماوات وأن كثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، قال بعد ذلك: رسم> وفوق ذلك ثمانية أوعال رسم> يعني: حملة العرش ما بين أظلافهم إلى ركبهم كما بين سماء إلى سماء يعني: ما بين مواطئ أقدامهم إلى الركب مسيرة خمسمائة سنة، ثم قال: رسم> والعرش فوق ذلك والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه رسم> صريح في قوله والله فوق العرش، وهذا الحديث طعن بعضهم بأن في إسناده عبد الله بن عميرة اسم> وأنه قد قالوا: إنه ينفرد ببعض الغرائب ولكن ذكر شيخ الإسلام اسم> أنه رواه إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة اسم> كتابه، كتاب التوحيد المطبوع.
وقد اشترط في أوله ألا يذكر إلا الأحاديث الصحيحة من غير قطع في أسانيدها، ولا طعن في رواتها، فالحديث صحيح عند ابن خزيمة اسم> ولم يقدح فيه كونه عن عبد الله بن عميرة اسم> لذلك يقبل هو ويقبل أمثاله.
وورد في السنة في صعود الأرواح في روح المؤمن أنه قال: رسم> حتى يصعد بها إلى السماء التي فيها الله متن_ح> رسم> يعني: فوقها، فأثبت بأنه يصعد بها إلى السماء إلى أعلى سماء، دليل واضح على أن الله تعالى فوق السماوات العلا. ثم قد يقال: إن هذه تخالفها آيات المعية.
مسألة>